في لحظة حددها الله في علمه الأزلي، وعلى طول ألوف الأميال من الشواطئ بجنوب القارة الآسيوية، كانت الحياة تسير على السنن المقررة لها، الناس يسعون في الأرض، البعض في أعمالهم، والبعض في بيوتهم والبعض على الشواطئ في لهوهم وعبثهم، أو في نزواتهم وانحلالهم، والكل آمنون، وفجأة، وفجأة انقلبت الدنيا رأساً على عقب، وزاغت أبصار الناس، وذهلت عقولهم، وبلغت القلوب الحناجر، فقد انفجر البحر، وتدافعت أمواجه تهاجم الشواطئ وتطارد الناس في عنف وقوة وجبروت مكتسحة ومدمرة كل شيء أمامها، وتساءل الناس في فزع وذهول: ما الذي حدث؟، أهو يوم القيامة؟!، أم هذه مقدماته؟!!، أم هو تحقيق لقول ربنا ـ عز وجل ـ : " أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ " (الأعراف:97-99).
إنها تسونامي، جند من جند الواحد القهار، كتبها في علمه الأزلي وحدد لها الزمان والمكان والتكليف، حتى إذا انطلقت بإذنه ومشيئته اكتسحت ودمرت ما أراد لها ربها ـ جل وعلا ـ فإذا انتهت عادت من حيث جاءت وكأن شيئاً لم يكن. " هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ . وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ " (الرعد:12، 13).
إن من أرسل الريح على عاد، والصيحة على ثمود، والطوفان على قوم نوح، وأطبق البحر على فرعون، وخسف بقارون الأرض، هو هو من أرسل هذه (التسونامي) تذكيراً للمعرضين، ودحضاً للطبيعيين الذين ينسبون كل شيء إلى الطبيعة وكأن لها عقلاً تفكر به وتثور، أو قلباً تشعر به وتغضب، فبئس ما قالوا وبئس ما يظنون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق