يقلب الزمن كفيه يمنه ويسره على حب عاشته لحظة وراء اخرى لعباً ولهواً وتفكيراً ، وحزناً، وفرحاً، وأحلاماً، ترسم قصرا حتى ننظر للمستقبل بإشراقه، يحاول لملمة ضعفه بقوة تخيلاتنا للحاضر، وإقناع نفسه عجزا بالقوة، وانه قادر على وقف كل الايادي التي ستبعد نوم عين حبيبين معاً حتى النهاية، وأى نهاية كانت تنتظرها، دوما ما أروع كتابة الحروف الأولى في الحكاية ولكن إلى أين ستأخذنا، علمها سفرها الطويل أنها حين تبحر سيكن مرساها الحقيقي .
تقول : كان حبي الأول، ورغم طول سنواتنا العشر سوياً الا أنها مرت بسرعة البرق، وددت لو اكملت العمر وتوقف قطار حياتها عنده، لكن ضعفه ذبح شريانها، كان الخبر كالصاعقة كيف يرتبط بآخري؟ وهي كانت بين جفنيه ناما سويا بعد رحلة حب طويلة حلما بغد مشرق فى يوم آخر، هذه نهاية حب غمرها واجتاح كيانها كانت تشعر بحبه في عناق المشاعر ونظرات الأعين الحزينة ...كانت تشعر بلهفته عليها، كانت وكان، وكأن السنين مرت وهي في غيبوبة منها ومن أيامها وساعاتها ولحظاتها، وكم دقائق هي مرت، وهل كانا قريبين من محطة النهاية، أم ضاع العمر سدى، وسقط القناع، وتبعثرت أوراق الخريف، وتلاطمت بداخلها أحزان وكأنها أمواج عاتية وسط صخب الحنين والذكريات .
كانت لاتدرى ماذا تفعل أتبكى؟ أم تصرخ أم تصمت؟ صدمتها شديدة مدوية أشعرتها وكأنها في عالم غير العالم وفى مكان وزمان تخطى كل المسافات، ولغة المنطق والعقل وكل الفلسفات، وكل روايات الحب والعشق وحكايات الغرام ، كان وقع خبر خطبته كصخرة سقطت من أعلى السماء على رأسها، أفقدها صوابها، أوقف للحظات قلبها، أحدث شروخا فى كل جنبات جسدها، تشققت رقته، ونزف كل وريد بقطرات تبكى ذكرى الحبيب، كيف كان عليها أن تستوعب، حبيبها خطب وتركها وسيتزوج، حبيبها التي أضاعت من أجله عشر سنين ويزيد .. بلمح البصر صار البعيد الغريب ، تحدث نفسها بصوت عال بسهولة تركني وخطب وكأن القدر لم يكن أبدااا قاب قوسين أو أدنى منها، لماذا التساؤل في نفسها و تراودها أفكار هنا وهناك، تصرخ وتهدأ تسترجع شريط الذكريات، تتوه الكلمات وترتجف الحروف، اتشحت الصور بالسواد ، غاب عن ناظريها كيف تنسج خيوط الحزن فى الوريد والشريان، وكيف تتمزق الاهات عن الشفاه .
بحزن يعتصرها أخذت تهمس لنفسها: " عندما تفقد من تحب تشعر كأن ذكريات الماضى موجودة فى معبد مقدس، محاط بأدق التفاصيل، وفى لحظة يقتحم جدار الصمت يأخذ كل شي بعيدا، أخذت تردد خطب، أيعقل ؟؟ كيف؟؟ ولماذا ؟ تساؤلات كثيرة تدور بذهنها، تلف بها عبر الايام والسنين، تنزع اشواك، تنادى ولكن لاصوت يجيب، تعصف ذكريات كانت دوما تجملها لحبيب غريب، كانت تمد كلتا يداها له ، وترسم الابتسامة على وجنتاه، بكل وردة حمراء، وبأغلى الهدايا وأعذب الكلمات، وقبل كل ذاك وذاك قدمت روحها وقلبها وتتنهد قائلة : نعم تحملت سلبية رجل، أناني، صغير أحمق، كانت تبحث بداخله عما هو جميل، كانت تحاول أن تصعد به لا أن يهوى بها،، وأملها أن يكسر قيده وان ينتصر لرجولته وأن وأن .. خاب أمل عمرها وبقى كما هو ساكناً قابعاً في زاوية الهزيمة والاستسلام قابلا الهوان منكسرا للأحلام ، لايملك القرار مشلولا...
سنوات عشر وهى تعزف سيمفونية الحب والوفاء ، نسيت نفسها ، وتركت كل شىء خلفها الماضى والحاضر، توقعت ان المستقبل قادم لامحال ، عانقت الاحلام البريئة، حبها مثل سفر طويل لم يجد فيه الكلام طريقاً ... كانت حجته أن القرار ليس بيده، تذكرت مقولة له " آه من قلب حزين أدمته قسوة الأيام وحين بدأ يتعافى لم ترحمه السنين " تسآلت في نفسها ما الذي يجعل الآخرين دوما مقررين راسمين محطمين لحياتنا واختيارنا ؟ كان الرد يجيبها، عذره أقبح من ذنبه ، تقول: عذره كان أن حبيبته تكبره ببعض سنين، هذا ذنبها ،، وأى ذنب إقترفت ؟ أنها ولدت قبل ولادته، رأت نور الحياه قبله وكان عقابها .. قالت في نفسها ساخرة عذر قبيح في زمن النفاق والكذب وحياة بلا كبرياء .
تحدث نفسها بلحظة جنون : نعم وظفت مشاعري من اجل قلب من حجر، وشخصية منهزمة، لاتعرف الا القسوة حتى على نفسه،، مشوار طويل تحملت لأجله كل شى، اتذكر صمته أشبه بسكون ليل طويل لاينتظر شروقاً، وبرودة أعصابه أجمد من كتل الجليد، وأما غروره وكبريائه المقيت مثل صلابة الصخور، أخذت تتذكر الكثير والكثير وترى لؤم عيناه، وأنانية شخصه ونعومة أسلوبه وتناقضات وازدواجية شخصية مليء بأسرار وأسرار، نعم لسنا بحاجة لأن نعرف كل شي عن الذين نحبهم ولكن امتزاج الأرواح هي أسطورة العاطفة، كان حبها ليس قرارها ولا اختيارها، كان يسرى في دمها، يعصف بها، ينتابها كان كل شي لها، رغم أنك اخترت أن تكون لا شيء.
رحل عنها ، كان فيلسوفا يجيد لغة الحكم ، اما لغة الحب هيهات ثم هيهات ،، رحل عنها، معلناً خبر وفاته، مات وقتما قيد رجولته، ومات عندما كان القرار لغيره، وعندما يكون الفراق إجباريا فهو ضرب من الجنون ومن العذاب، تنهدت قائلة : قد تكون الحياة والموت ليس خيارنا، لكن الزواج رجولة ، قرار، ولا سعادة منشودة إن فقدتا، والحب في القلب أشبه بمستأجر عليه أن لايتأخر بالدفع دومااا وإلا طرد منه كان عليها أن تفهمه هكذا ،، ظل يأخذ ولم يكلف نفسه أن يقدم شيئا ورحل بلا اى إشعار ..
رحل لأنه لا يملك القرار، وليس رجلا مثل الرجال، قالت في نفسها لمن تذرف الدموع ، لرجل لايستحق الحياة ، لجبن اختلط بعذوبة اللسان، نعم أحببته وأخلصت وضحيت ولكنى لم أخسر نفسي مثله، ما أصعب طعنة الظهر وما أقسى خيانة الحبيب، نعم وقفت شامخة ضد التيار، تتعلم كيف تجمع مفرادت اللغة في قاموس الأشعار وكيف يكون العمر زهرة ندية بين أشواك الظلام ... لمن تذرف الدموع؟ تذرفها فقط على نفسها كونها تمسكت بمن فرط بها، لونت حياته بكل الالوان اما هو صبغها بلون اسودا، تذرفها على نفسها لأنها صدقت نفسها أن الحب يصنع المعجزات، وأن الرجل بإمكانه طول الانتظار ولا الاستسلام لقرار والفرار،، ولكن لم يعد يفيد فى حبيبا ليس رجلا بل أبي أن يكون ،، نعم تعلمت أن من يملك القرار يقدر سراً من أسرار الحب والحياة .. ومع مرور الزمن يخبو الأمل وتبقى الذكريات .... رجل بلا قرار ماذا يساوى فى زمن العجائب ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق