تتزايد المخاوف يوماً بعد يوم من أن إكتشاف حقل الغاز الطبيعي الضخم في مياه البحر الأبيض المتوسط على يد تحالف شركات إسرائيلية-أمريكية سيؤدي في نهاية المطاف إلى إندلاع حرب في منطقة الشرق الأوسط المتوترة أصلاً.
فمنذ أن أعلنت شركتا ديلك ويسرائيمكو للتنقيب عن النفط والغاز، المدرجتان في بورصة تل ابيب، رسميا عن اكتشاف الحقل البحري للغاز الطبيعي "ليوثان" بمخزون يقدر بحوالي 88 مليار متر مكعّب على بعد 90 كم الى الغرب من ميناء حيفا داخل المياه الاقليمية الإسرائيلية، صرحت لبنان مراراً وتكراراً أن قسما من هذا الحقل العملاق يقع ضمن مناطق نفوذها. وفي حين أن لبنان لم تتسلم حتى الآن أي رد من هيئة الأمم المتحدة رغم تقدمها للهيئة بالخرائط اللازمة، تواصل إسرائيل العمل في منجم الغاز الجديد حيث أعلنت مؤخرا نتائج مسح كميات الغاز الموجودة في الموقع.
وقد سبق أن حذر أحد المختصين في الجامعة الأمريكية في بيروت، الدكتور علي حيدر، من نشوب حرب بين إسرائيل ولبنان على غرار حرب صيف 2006 ، إذا تم تجاهل المطالب اللبنانية بخصوص حصتها في حقل الغاز المذكور. كما، ورفض رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، التهديدات الإسرائيلية بشأن السيطرة على حقول الغاز في شرق البحر المتوسط. وقال بري إن من حق لبنان الإستفادة بشكل كامل من الثروة في حقلي النفط والغاز، وشدد على أن أفضل رد على التهديدات الإسرائيلية بشأن التنقيب عن الغاز يكمن بالإسراع في قانون التنقيب والبدء في إسناده للشركات المتخصصة. وفي وقت سابق قال بري إن إسرائيل تتجاهل حقيقة أن الحقل يمتد بحسب الخرائط إلى المياه الإقليمية اللبنانية، ودعا الحكومة إلى تعجيل التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية، محذرًا من أن تستولي إسرائيل على حقوق لبنان في حقول الغاز في البحر المتوسط.
ويؤكد الخبراء انه حتى لو تم تقبل الموقف الإسرائيلي بأن عمليات التنقيب نفسها تتم داخل المياه الإقليمية الإسرائيلية، مع العلم انه لا يزال هناك جدل حول حدود إسرائيل، فمما لا شك فيه أن منجم الغاز الضخم، والذي تصل مساحته إلى 2000 كم مربع، يمتد إلى مناطق لبنانية وقبرصية.
وجاء على لسان صحيفة إقتصادية رائدة في إسرائيل أن مواصلة الدولة العبرية اتباع سياسة الغطرسة والاستهتار وتجاهل الإدعاءات اللبنانية يغذي فتيل مواجهة دولية محتملة في المنطقة. ولم تستبعد الصحيفة إمكانية صحة المطالب اللبنانية بحصتها من الغاز.
ويشير الخبراء الدوليين إلى أن إسرائيل تحسب حدودها في المياه الإقليمية بناءً على الخط المقابل لمنطقة المطلة في حين أن لبنان تحسب تلك الحدود بناءً على الخط المقابل لمنطقة الناقورة. لذلك، تعتبر إسرائيل الغاز المتواجد بمحاذاة منطقة صيدا ضمن منطقة نفوذها رغم أن هذا الغاز، ولو حتى جزء صغير منه، يعود للدولة اللبنانية حسب الخبراء الدوليين.
وبجانب لبنان ، فإن الإعلان عن مفاجأة " ليوثان" سيضاعف أيضا الغضب بين المصريين ويجدد التساؤلات حول أسباب حرص إسرائيل على شراء الغاز المصري في حين أنها تملك احتياطات كبيرة منه .
ولعل ما يضاعف الشكوك في هذا الصدد هو قيام إسرائيل بتوقيع صفقة غاز جديدة مع مصر تمتد إلى 20 عاماً قبل أيام قليلة من الإعلان رسميا عن مفاجأة " ليوثان" رغم أنه كانت هناك مؤشرات حول اكتشاف منجم الغاز الضخم منذ أكتوبر الماضي.
وقال احد كبار المديرين في سوق الطاقة الاسرائيلية أن احتياطي الغاز في الحقل المذكور اكبر بـ 30 ضعفا من كميات الغاز الواردة في الاتفاقية التي وقعتها اسرائيل مع مصر لتزويدها بالغاز خلال ال -30 سنة المقبلة.
واكد وزير البنى التحتية الاسرائيلي بنيامين بن العيزر ان احتياطي الغاز الطبيعي الذي اكتشف سيسد احتياجات اسرائيل خلال ال -30 سنة المقبلة، واوضح من جهة اخرى ان الاكتشاف التاريخي لن يلغي الاتفاقية المعقودة مع مصر لتزويد اسرائيل بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي المصري.
من الجدير بالذكر، أن القيمة الاقتصادية للكميات التجارية من الغاز بحقل "ليوثان" تقدر ب 15 مليار دولار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق