إن الإخوان المسلمين الذين يؤمنون بأن الحرية فريضة من فرائض الدين الإسلامي الحنيف بل وكل الرسالات السماوية، والذين تربوا على أن الحرية أثمن من الحياة، يؤكدون أن الحرية لا تتجزأ.. حرية الفرد، وحرية المجتمع، وحرية الدولة، وحرية الأمة وعزتها، فلا تقبل التبعية لغيرها من الأمم، وللأسف الشديد ففي العقود الماضية قامت في دولنا أنظمة فاسدة صادرت كل هذه الحريات، وكان حتمًا عليها أن تخضع وتركع للقوى الكبرى، وتلتمس منها العون والتأييد ضد شعوبها، وتنفذ سياسات هذه القوى بكل دقة ثمنًا لهذا التأييد، وكان ذلك أحد الأسباب القوية التي فجَّرت الثورات الشعبية في المنطقة؛ بغية التحرر من الاستبداد الداخلي والاستعباد الخارجي، ودفعت شعوبنا ولا تزال ثمنًا غاليًا لاستعادة الحرية والعزة والكرامة.
ولكن هذه القوى الغاشمة لا تريد أن تتخلى عن هيمنتها بسهولة، فتحاول الالتفاف على الثورات والتدخل في مسار الأحداث التي تتوخى الإصلاح الوطني، لعلها تستطيع استعادة نفوذها واستقطاب نفر من أهلنا تدفعهم إلى مواقع التأثير والقرار، لذلك يدين الإخوان المسلمون بكلِّ قوة تدخل رئيس وزراء بريطانيا في شئوننا الداخلية، وتصريحاته التي كاد يحدد للشعب المصري خياراته، فالشعب المصري ليس قاصرًا وليس محتاجًا إلى نصيحته، ويرفضها بكلِّ إباء وشمم، أما حديثه عن رفضه مقابلة الإخوان المسلمين، فنؤكد له أنه لو طلب مقابلتنا لرفضنا، ونحن نُعلن على الدوام رفضنا لمقابلة ممثلي الحكومات الغربية المتكبرة، وإن كنا نرحب بمقابلة ممثلي المنظمات الشعبية والمؤسسات البحثية والإعلامية، وإن كان خضوع الأنظمة البائدة لهذه القوى مبعثه انعدام شرعيتها الشعبية وطلبها للمساعدات المالية، فنحن نعلن أن الثورات الآن إنما تمثِّل الشرعية الشعبية في أسمى تجلياتها، كما أننا نرفض المساعدات المالية المشروطة بانتقاص السيادة فإن (الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها) وكرامتنا الوطنية فوق كل شيء.
كما أن ما يجري في ليبيا الآن والتي تمثل دولة شقيقة لنا إضافة إلى أنها تمثِّل مجالاً حيويًّا لأمننا القومي، إضافة إلى وجود مليون ونصف مليون مصري هناك يقرِّر مسئولية إضافية على المجلس الأعلى للقوات المسلحة حماية لأمننا القومي، وصيانة سلامة إخوتنا وأبنائنا المصريين في ليبيا، وتيسير سبل تأمين عودتهم إلى وطنهم، وكذلك دعم جهود الإغاثة الإنسانية للمنكوبين في ليبيا، ونحن نثق الثقة كلها في أن هذا المجلس قام وسيقوم بواجباته في هذا الخطب الجلل.
كما أن الإخوان المسلمين يدينون مطالبة بعض المثقفين بالتدخل الأمريكي في ليبيا لإنقاذ الشعب الليبي من حاكمه الطاغية، فإن ذلك الاحتلال يمثِّل خطورة بالغة على ليبيا نفسها، ثم على بقية دول المنطقة، وفي احتلال العراق وتدميره درس لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فالشعب الليبي قادر- بإذن الله– على الإطاحة بالطاغوت المتكبر مهما كلفه ذلك من ثمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق