السبت، 24 نوفمبر 2012

الخلاف بين البشر


الخلاف بين البشر واقع لا محالة، لاختلاف البشر نتيجة عوامل عديدة، ويمكن تقسيم الخلاف من حيث الدوافع إلي أنواع ثلاثة أولا:خلاف يُمْلِـيه الهوى: قد يكون الخلاف وليد رغبات نفسية لتحقيق غرض ذاتي أو أمر شخصي، وقد يكون الدافع للخلاف رغبة التظاهربالفهم أو العلم. وهذا النوع من الخلاف مذموم بكل أشكاله، ومختلف صوره لأن نصيب الهوى فيه يغلب الحرص على تحري الحق، ومن المعلوم أن الهوى لا يأتي بخير لأنه باب منفتح يؤدي إلى كل سوء وأنواع الهوى متعددة، وموارده متشعبة، وإن كانت في مجموعها ترجع إلى "هوى النفس وحب الذات" فهذا الهوى جذر كثير من الأخطاء وحشود من الانحرافات، ولا يقع إنسان في شباكه حتى يزين له كل ما من شأنه الانحراف عن الحق، والاسترسال في سبيل الضلال، حتى يغدو الحق باطلاً والباطل حقاً. ولاكتشاف تأثير الهوى في فكرةٍ ما طرق كثيرة، بعضها خارجي، وبعضها ذاتي: (أ) فمن الطرق الخارجية لاكتشاف أن الهوى وراء الفكرة - موضع الاختلاف - وأنها وليدة الهوى أن تكون تلك الفكرة مناقضة للبديهيات، وأن تكون متصادمة مع مقتضيات العقول السليمة التي يقبل الناس الاحتكام إليها، ففكرة تدعو إلى عدم زراعة القمح في مصر أو بيع ممتلكات الشعب " الخصخصة" أو فكرة تزيد في الإهمال في التعليم والصحة أو الإهمال في محو الأمية أو فكرة ترضي بالتسليم بالعجز عن حل مشكلة البطالة، أو تزيين الكذب، أو تحض على التبذير لا يمكن أن يكون لها مصدر غير الهوى، ولا يدعو لها إلاّ من بيد الشيطان زمامه، ولا ينتظر ممن يزعم في نفسه الحرص على الحق أن يلهث وراء فكرة تناقض البديهيات. (ب) ومن الطرق الذاتية لاكتشاف ما إذا كان الهوى منشأ الفكرة وراعيها وحاضنها فهو نوع من التأمل والتدبر في مصدر تلك الفكرة، ومساءلة النفس بصدق حول سبب تبنيها لتلك الفكرة دون غيرها، وما هو تأثير الظروف المحيطة بصاحب الفكرة، ومدى ثباته عليها إن تبدلت؟ وهل هناك من ضغوط وجهت المسار دونما شعور؟ ثم الغوص في أعماق الفكرة نفسها، فإن كانت قلقة غير ثابتة، تتذبذب بين القوة والضعف تبعاً لمشاعر معينة، فاعلم أنها وليدة الهوى ونزغ من الشيطان ثانيا: خلاف يُمْلِيـه الحـق: قد يقع الخلاف دون أن يكون للنفس فيه حظ أو للهوى عليه سلطان، فهذا خلاف يُمْلِيه الحق، ويدفع إليه العلم، ويقتضيه العقل، ويفرضه الإيمان والشعور بالظلم، فمخالفة شباب الثورة والمؤمنين بها لكافة الفلول والمنافقين والمتلونين خلاف واجب لا يمكن لمواطن حر صادق في وطنيته أن يتخلى عنه، أو يدعو لإزالته لأنه خلاف سُداه الحرية المفعمة بالكرامة ولـُحْمَتـُه الحق الممزوج بالعدالة. ثالثا: خــلاف يتردد بين المدح والذم، ولا ينحاز لأحدهما، وهو خلاف في أمور فرعية تتردد أحكامها بين احتمالات متعددة يترجح بعضها على بعضها الآخر بمرجٌحات وأسباب، وهذا النوع من الاختلاف مزلة الأقدام، إذ يمكن فيه أن يلتبس الهوى بالموضوعية، والعلم بالظن، ولا سبيل إلى تحاشي الوقوع في تلك المزالق إلا بإتباع قواعدٍ يُحْتـَكم إليها عند الاختلاف، ووضع ضوابطٍ تنظمه، وآدابٍ تهيمن عليه، وإلاّ يؤدي إلى شقاق وتنازع وفشل، ويهبط المختلفان فيه عن مقام الموضوعية إلى درك الهوى، وتسود الفوضى. ونتيجة ما تقدم فإن العلماء العقلاء يحذرون من الاختلاف بكل أنواعه، ويأكدون على وجوب اجتنابه وبعد ذلك أليس من العجب أن نقول: لا يفسِد للود قضية !!! عجبا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اصدقائي في العالم