‏إظهار الرسائل ذات التسميات حقائق الثورة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حقائق الثورة. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 26 يوليو 2011

حقائق الثورة

حقائق الثورة


ستة أشهر بالتمام والكمال هى مقدار الزمن الذى مرّ على الشرارة المباركة التى إنطلقت بإذن ربها فغيّرت وجه مصر فى عيون أبنائها قبل غيرهم وفصلت فصلاً تاماً بين عهدين وخلخلت معانى ورسّخت أخرى فحوّلت ثوابت عشرات السنين إلى متغيرات قابلة للنشكيل .. ولأنها كانت مباركة هذه المرة فقد مضت عصيّةً على الإخماد منيعةً على المحاصرة وامتدت النيران تَخُطّ فى عالم الحقيقة ما كان يستعصى على الأحلام
-----
ستة أشهر هى مقدار الزمن فى حين أن الحقائق على الأرض هى مقدار المسافة بين 25 يوليو و25 يناير .. وسأوجز هنا ما أراه منها
-----
إختلاف التوجهات باختلاف الظروف .. فليس من الطبيعى أبداً أن نتوقع إتفاقاً على الوسائل والأولويات كما حدث أثناء الثورة فقد كان ذلك إستثناءً لأن الظرف كان إستثنائياً .. يومها خلع كلٌ منظاره فرأوا شيئاً واحداً فلما قُضى عادوا إلى مناظيرهم فاختلفوا
-----
إنهيار النظام السابق فى زمن قياسى أعطى إنطباعاً عاماً بأن الثورة قد حققت أهدافها وأن الخير سيعمّ بزوال رأس الفساد فحدثت حالة إرتخاء طبيعى بعد نشوة النجاح الذى جاء بشقّ الأنفس كحالة اللاعبين عند تحقيق بطولة والرغبة فيما يسمونه بالراحة السلبية فحدثت مشكلتان: الأولى أنه مازالت هناك مهام مطلوب إنجازها بنفس العزيمة حتى تحقق الثورة أهدافها - والثانية أنه إذا طالت فترة الراحة السلبية أو إذا لم يتم الخضوع لبرنامج تدريبى خاص بعدها لاستعادة اللياقة (البدنية والفنية عند اللاعبين والثورية عند المناضلين) يصعب العودة لنفس المستوى من الأداء
-----
سوء الوضع الاقتصادى على المستوى العام وتدهور الوضع بشكل كبير فى قطاعات معينة أوجد شعوراً عند العامة بنفاد الصبر وعدم الاستعداد لتضحيات أخرى وكانت تلك أحد أسلحة الثورة المضادة بافتعال أحداث تعمّق المشكلة وتزيد من معاناة الناس وبالتالى تزيد من فرص الانقلاب على الثورة
-----
الانفلات الأمنى الذى حدث وقت الثورة بانسحاب رجال الشرطة غير المسبوق من مواقعهم وهروبهم الجماعى من مسئولياتهم أتاح الفرصة للبلطجية المسلحين فى التواجد جهاراً على الساحة وممارسة أعمالهم الإجرامية بأمان تام .. هذا الوضع الممتد أفرز نتيجتين مؤثرتين: أولاً أفقد الشعب إحساس الأمان بشكل عام مما زاد من إحساس نفاد الصبر وبالتالى فتح الباب للفوضى والإنقلاب على الثورة تحت شعار "الأمان أولاً" - ثانياً سهّل إقحام البلطجية المأجورين فى فعاليات جماهيرية بهدف تخريبها وإحداث فتنة بين فئات الشعب .. مرة بين الشعب والشرطة ومرة بين الشعب والجيش ومرة بين الشعب والنشطاء .. ولن يغلق هذا الباب إلا فعالية الشرطة فى أداء مهامها
-----
حالة العداء الشديد التى إنفجرت بين الإسلاميين والليبراليين تحتاج حكمة كبيرة فى التعامل من الجانبين لاستثمار الأرضية النضالية المشتركة وتُجنّب البلاد تصادماً مدمراً
-----
لم يكن الإخوان ممن أعدّ للثورة ولكنها ما كانت لتنجح دونهم بالإضافة إلى مشاركتهم فى تعبئة الرأى العام ضد النظام البائد طوال السنوات الماضية فكانوا بذلك فى طليعة المناضلين فى فترة "مقدمات الثورة" .. وأثبتت الشهور الستة الماضية الحاجة لتواجدهم بشكل "رشيد" لشغل المساحات الكبيرة التى خلت بانهيار النظام البائد وعدم وجود البديل القوى .. فإذا كانت الشعارات وانفلات الخطاب واستعراض العضلات من مكوّنات الممارسة السياسية من قبل لما كان لها من دور نضالى (أو صمودى) فى ظل غياب شبه تام للقوى الوطنية المعارضة فإنها أصبحت كلها عكس معانى الرشد الذى أعنيه فى المرحلة الجديدة
-----
كان على القوى الثورية أن تتخذ قراراً فى لحظة الحسم عند إعلان تنحى مبارك إما بإجراءات إستثنائية فى محاكمة رموز النظام (ولم يكن ذلك خطأ حسب تاريخ الثورات المعروف) أو بإجراءات عادية فاختارت الأخيرة رغم استمرار بقايا النظام البائد فى مواقع من السلطة القضائية مما أتاح الفرصة لبطء الإجراءات وفتح أبواباً للتحايل .. والأمثلة كثيرة بما ينفى أن تكون إستثناءً والصارخ منها هو مرور ستة أشهر كاملة دون مثول وزير الداخلية السابق ومعاونيه أمام المحكمة فى أهم قضايا الثورة وهى قتل الثوار رغم وجود الأدلة المصوّرة لدى المتابع العادى
-----
حُسن النوايا ونظافة الأيدى والاجتهاد لم تكن كافية لسد إحتياجات الشعب فى الشهور الماضية فظهر رئيس الوزراء بصلاحيات منقوصة وتبيَّن عدم قدرة وزير الداخلية على السيطرة على رجاله .. وبعد أن كان الأمر فى العهد البائد بيد "القوى غير الأمين" أصبح بيد "الأمين غير القوى" فى حين أننا نحتاج القوى الأمين .


بقلم: Ahmad El-Reedy

اصدقائي في العالم