توالت وتباينت ردود الأفعال على الحوار المطول والشامل، الذى خص به الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية الشروق على مدى ثلاثة أيام مضت، بدأها بمطالبة الرئيس حسنى مبارك بتشكيل لجنة تأسيسية لتضع دستورا جديدا للبلاد تمهيدا لإجراء انتخابات نزيهة، وأبدى رأيه فى الدستور مقارنة بغيره فى الدول الغربية، وقال إن تغييره أمر أصبح ملحا، ثم ذهب الى انتقاد تخصيص كوتة للمرأة دون الأقباط، وجدد مطالبته بدستور يحفظ حقوق الجميع.
وضم عدد من النخبة صوتهم إلى صوت البرادعى فى كل مطالبه، واعتبروها مطالب الحركة الوطنية التى ما زالت تجاهد من أجلها. ووافقوه بأن تعديل الدستور كخطوة تمهيدية لتغييره أفضل لأنها الأسهل فى الوقت الراهن.
وحول تفسير موقفه من خوض المنافسة، ذهب عدد من السياسيين إلى أن عدم حسم الموقف ليس شرطاً لأن يكون تمهيدا للانسحاب، بينما شكك آخرون فى إقدامه على الفكرة، واعتبروا تصريحاته التى بدأ بها الحوار نوعا من الانسحاب المهذب من الساحة لكن بمسببات دبلوماسية، بل إن منهم من اعتبر البرادعى أخطر على مصر من جورج بوش رئيس أمريكا السابق.
تحدث عن الإخوان بما يطمئنهم على مستقبلهم السياسى، ثم أرفق بذلك رؤية عن برلمان يتشكل من كل الطوائف بمن فيها البهائيون والماركسيون، وتحدث عن إسرائيل وأبدى موقفا أيدته فيه القوى الوطنية والأحزاب، ذهب إلى العشوائيات من فيينا حين قال إنه لو فاز بالرئاسة سوف يعقد أول مؤتمراته بإحدى تلك المناطق، التى تحدث عن زياراته المتكررة لها ودرايته بأحوالها.
وانتقد التعليم فى مصر وقال إن 42 % من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر.
كل ما طرحه البرادعى، سواء الأفكار أو الحلول أو حتى الإشارة لقدرته على حل هذه الأزمة أو تلك، كانت بمثابة برنامج انتخابى يعرضه البرادعى على الشعب المصرى، وكأنه يقدم استمارة تقييم لنفسه أمام النخب ليدور حولها نقاش مفتوح، وربما ليكتسب شعبية كان عليه أن يحصلها قبل عقود.
ثار الجدل فعلا، واختلف معه فصيل من النخبة، ثم اتفق معه فصيل آخر، وهناك فصيل ثالث، اتفق فى أشياء واختلف فى أخرى.. وإلى التفاصيل:
الجدل مستمر تعديل الدستور أم تغييره تلك هى المشكلة؟
فتح الدكتور محمد البرادعى بدعوته الرئيس حسنى مبارك لتشكيل لجنة تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد، جدلا حول المصير الذى تريده النخبة للدستور المصرى الحالى، خاصة أن الفترة الأخيرة نادت العديد من الحركات السياسية بتعديل مواد الدستور، التى أثارت أزمة بعد تعديلها، وعلى رأسها، المادة 76 و77 و88، وهى المواد التى تحدد شروط الترشح للرئاسة ومدده، والإشراف القضائى على الانتخابات.
ذهب عدد من النخبة إلى تفضيل البدء بتعديل الدستور على اعتبار أنه الأقرب أو الأسهل مؤقتا، رغم إجماعهم على أن التعديل الشامل لابد من أن يكون خطوة تالية على التعديل بعد استقرار الأوضاع.
ورفض الدكتور مفيد شهاب وزير شئون مجلسى الشعب والشورى، والعضو البارز فى الحزب الوطنى، التعليق على نهائيا على ما ورد بالحوار، مرجعا ذلك لانشغاله فى أعمال كثيرة يريد التفرغ لها.
وقال: «لا أريد التعليق ولا أرد على أية تصريحات صحفية حتى للصحف القومية لأننى مشغول كثيرا».
بينما ذهب الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون ونائب رئيس الحزب الناصرى إلى ما ذهبت إليه عدد من النخبة فى تعليقهم، بأن الرئيس مبارك لن يلتفت نهائيا للدعوة، ودلل على ذلك بما وصفه «رد فعل الصحف الحكومية على الدكتور البرادعى بعدما تحدث عن شروط يريد تحققها قبل أن تبدأ الانتخابات».
وشدد عيسى على أن ما طالب به البرادعى هو مطلب كل القوى الوطنية، واعتبر أن تعديل الدستور أو تغييره يحتاج إلى ضغط شعبى قوى ومجتمع مدنى يتحرك بقوة فى ذات الاتجاه.
فيما اعتبر القيادى اليسارى البارز والمفكر السياسى، عبدالغفار شكر أن دعوة البرادعى تتماشى مع مطالب الحركة الديمقراطية فى مصر، وشدد على أن وضع دستور جديد للبلاد أمر لا بديل له لأن مواد الدستور الحالى غير لائقة لأنها تقر نظاما سلطويا.
وتابع: «لكن إذا كان الأسهل فى هذه المرحلة هو التعديل فلنبدأ به على ألا يتأخر التغيير الشامل أكثر من خمس سنوات»، مشددا على أن التعديل لن يحل مشكلات مصر.
من جهته اعتبر النائب الإخوانى حمدى حسن أن النظر فى تعديلات دستورية مؤقتة من أجل الانتخابات البرلمانية هى نظرة قاصرة وأن الإصلاح لابد أن يبدأ بدستور جديد حتى يعبر عن الأمة.
إلا أنه أيد فكرة مرحلية التغيير التى تبدأ بالتعديلات المؤقتة على أن تتبعها مباشرة تغييرات شاملة لكل المواد.
واتفق معه الدكتور جمال حشمت، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان وقال: «لا أظن أن النظام لديه فلسفة ومنهج للتغيير وحتى لو امتلكهما فهو لا يملك القدرة على تحقيقهما ولذلك لن يستجيب لدعوة البرادعى»، مرحبا بفكرة تغيير الدستور لا تعديل بعض مواده.
وقال حشمت: «ترقيع الدستور بعد تعديل الـ34 مادة أدى لوجود مواد متضاربة مع بعضها البعض، ولذلك نحتاج للجنة تأسيسية تنشئ دستورا جديدا».
واستطرد: «منطق البرادعى مقبول، ومبارك سيدخل التاريخ لو التفت لمثل هذه الدعوات بحق».
وحول مدى صلاحية رئيس الجمهورية فى الدعوة لتغيير الدستور، قال حشمت: لا يوجد دستور مقدس فكل شىء من الممكن تغييره.
أما د.رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع بدا متشائما، فقال: «أعتقد أن الوضع الراهن لا يسمح بوجود دستور جديد، وإذا عملنا انتخابات وتشكلت قوى سياسية لوضع دستور جديد، هيبقى دستور منيّل بستين نيلة»، مؤكدا أن الوضع الجماهيرى والمجتمعى الحالى فى مصر لا يسمح بإعداد دستور ديمقراطى».
وبخصوص مطالبة البرادعى بتغيير الدستور وعدم الاكتفاء بتعديل بعض مواده قال السعيد: «نحن نطالب بتعديلات جذرية لأننا نعلم حدودها»، مضيفا: «أن تعديل بعض المواد المتعلقة بالترشح للانتخابات كالمادة 76 هو ما نستطيع القيام به».
وعلّق السعيد على حديث البرادعى قائلا: «من حق أى مواطن إن يقول رأيه، لكن هناك فرقا بين أن أقول وجهة نظرى وبين أن أضع شروطا مسبقة».
وعلى غرار دعوة البرادعى، لمبارك، دعا أيمن نور، مؤسس حزب الغد إلى تشكيل لجنة تأسيسية شعبية تقوم على تغيير الدستور وتقديمه لمجلس الشعب، وقال: «أرحب بالدعوة التى أطلقها البرادعى لكننى أختلف معه فى توجهه بها للرئيس»، وأضاف: «لا نريد دستورا جديدا عن طريق مبارك، لأنه سيأتى كمنحة وسيكون مفرغا من مضمونه».
كما رحب السفير إبراهيم يسرى، بدعوة البرادعى، وتوقع فى الوقت ذاته عدم استجابة النظام لها، وقال: «لو أراد النظام التغيير لقام بذلك خلال الثلاثين عاما الماضية، وأن الإصلاح الشامل أفضل من التعديل المؤقت، لكن إن لم نستطع فالتعديل أقرب».
خبراء ونواب: لا يصلح رئيسًا وحديثه عن العشوائيات دعاية انتخابية
على عكس الكثيرين من نخبة السياسة أو الأحزاب، ذهب عدد من الخبراء والمحللين والنواب إلى أن البرادعى لا يصلح رئيسا لمصر، وقالوا إنه ينحاز إلى واشنطن أكثر من مصر، وتذهب سهام الانتقادات الموجهة إلى أكثر من ذلك، فحسب منتقدى البرادعى فإنه أبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التى كان مديرها أن بلاده مصر فيها يورانيوم، وهو ما أدى إلى ضغوط على مصر وتدخلات كانت فى غنى عنها.
رفض الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث، ترشيح البرادعى للرئاسة لأنه لم يعش فى هذه البلد بالقدر الذى يكفى ليستطيع إدارة شئونها على، حد وصفه، وقال: «البرادعى مش هينفع ريس للبلد دى لأنه مجرد نوع من أنواع الخيارات الأمريكية وهو فى المحصلة مشروع أمريكى، وتاريخه يؤكد انحيازه الكامل لواشنطن».
واعتبر سيد أحمد أن البرادعى مجرد عصا تستخدمها الأجندة الغربية، لضرب العرب، ودلل على ذلك بعدم فتح البرادعى للملف النووى الإسرائيلى طيلة فترة رئاسته لوكالة الطاقة الذرية.
وحول رفض البرادعى للتطبيع قال مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث، حديث البرادعى جاء بعد ما طلع معاش من وكالة الطاقة الذرية، وطوال فترة رئاسته للوكالة لم نشاهد له أى اشتباك حقيقى مع إسرائيل رغم أنه كان قادر على ذلك بحكم موقعه آنذاك.
واعتبر أن فكرة البرادعى فى إنشاء لجنة تأسيسية تمثل جميع فئات الشعب فكرة قديمة تم طرحها فى النصف الأول من التسعينيات من قبل رموز مصرية لم تغادر البلاد لمصالح شخصية، واقترحوا وضع دستور جديد لمصر يسع جميع الفئات، وجدد تلك الفكرة فى العام الماضى كل من دكتور عبدالله الأشعل، ودكتور يحيى الجمل، وغيرهم، وهذه الأجندة ليست بالعلمانية بل بتجمع فئات الشعب نستطيع أن نخرج من الفساد الحالى.
وبدوره رأى الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات، أن الشروط التى وضعها البرادعى من أجل ترشحه للرئاسة تحمل فى مضمونها رسالة للاعتذار الضمنى من البداية أو إحراج النظام أمام الشعب.
لكنه أيد فكرة التحام الإشراف القضائى والدولى من أجل ضمان نزاهة الانتخابات، واعتبر مسألة الإشراف الدولى مجرد محاولة من الدول لإبعاد المشكلات عنها، وأضاف قائلا «إن مسألة المواطنة أساسية وحقوق الأغلبية لازم تحترم ومش عشان 50 بهائيا نعدل القوانين».
أما خليل العنانى الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، يرى أن الدعوة التى وجهها البرادعى لرئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تأسيسية للعمل على وضع دستور جديد لن تلقى قبولا من قبل النظام الحاكم، وقال: «النظام مقتنع بأن الدستور الحالى هو الأمثل لمصر».
وفيما يتعلق بحديثه حول العشوائيات قال العنانى إن هذا الحديث يعد من قبيل الدعاية أو التلميح لبرنامج رئاسى، لكن فى النهاية الأمر مجرد تفريغ شحنات وأمنيات أكثر من وجود قدرة حقيقية لتحقيقه.
وأضاف: «كلامه عن الإخوان جميل لكن هناك مشكلة، وهى هل سيطالبهم بتكوين حزب سياسى أم جمعية خيرية؟»، لافتا إلى عدم حسم الأمر بعد من قبل الأخوان.
وقال إن وضع نموذج علمانى فى مصر أمر صعب جدا لأن المجتمع المصرى متدين بطبعه، واستطرد قائلا: أتصور أنه يلمح بشكل أو بآخر برغبة فى الإصلاح سواء عن طريقه أو عن طريق النظام القائم، ويلمح على استحياء أنه يريد أن يكون من المصلحين.
من جهته قال مصطفى بكرى، عضو مجلس الشعب: «كنت أود أن يأتى البرادعى إلى مصر ويدلى بآرائه هنا وألا يتعامل بأسلوب التعالى مع الآخرين ويبث إلينا كلماته من القنوات الغربية، لو كان البرادعى جادا فى ترشيح نفسه لرشح نفسه من خلال أحد الاحزاب القائمة ثم يكافح ويناضل لتعديل الدستور».
واتهم البرادعى بأنه من الأشخاص الذين لعبوا دورا سلبيا فى التعاون النووى بين مصر والأرجنتين، بالإضافة لاتهامه بتخليه عن مصريته حينما أكد البرادعى فى تقرير صادر عن الوكالة النووية وجود آثار فى يورانيوم مخطط فى أنشاص، مما فتح الباب أمام كثير من الادعاءات والضغوط الأمريكية تجاه مصر.
بينما أيد بكرى موقف البرادعى بأن هناك تراخيا فى إنجاز البرنامج النووى المصرى، رغم انتقاده له بعدم ممارسته أى ضغوط على إسرائيل من أجل التخلى عن برنامجها النووى أثناء رئاسته لوكالة الطاقة الذرية.
وأضاف أن نظرة البرادعى حول الصراع العربى الإسرائيلى محدودة للغاية، فى الوقت نفسه انتقد بكرى عدم إعلان البرادعى عن رأيه فى سياسة أمريكا الخارجية أو رأيه فى المقاومة المشروعة فى العراق وفلسطين.
وعلى خلاف بكرى بدأ النائب المستقل الدكتور جمال زهران، المتحدث الإعلامى لجماعة «مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة»، مؤيدا للبرادعى إذ اعتبر اقتراحه بشأن تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد لعلاج ما وصفه بالخلل السياسى، والتشوهات الدستورية بمثابة الخطوط العريضة لبرنامج الأخير للترشح لمنصب رئيس الجمهورية لمعالجة عدم التوازن بين تمثيل المرأة، والأقباط فى مجلس الشعب.
وفسر زهران عدم عودة البرادعى إلى مصر، لمشاركة الأحزاب، والقوى السياسية فى مطالبتها بالإصلاح، بأنه يرتب أوراقه جيدا، متوقعا تعرضه لما وصفه بالضغوط الإعلامية، والسياسية، فضلا عن احتمالات حصاره من قبل النظام الحاكم، حسب قوله.
وأستطرد قائلا: «لا أتوقع أن يكون إعلان البرادعى عن استعداده المشروط للترشح لتولى منصب الرئيس انسحابا دبلوماسيا من خوض المعركة، ومواجهة النظام الحاكم».
وأكد زهران «الانتقادات التى وجهها البرادعى للخلل فى البنية التشريعية والسياسية الداخلية ترد على الاتهامات، التى يوجهها له البعض بألا يعلم شيئا عن المشكلات، وتثبت أنه متابع للشأن الداخلى بدقة».
وأضاف: «تصريحات البرادعى بمثابة رسالة واضحة للقوى والأحزاب السياسية لرأب الصدع، والتنسيق فيما بينها، فلا يمكننا الانتظار لسرقة مجلسى الشعب والشورى، والانتخابات الرئاسية بالتزوير»، على حد تعبيره.
واعتبر زاهران ترحيب البرادعى بوجود الإخوان المسلمين، فى الساحة فى حالة استعدادهم العمل فى إطار الشرعية الدستورية، بمثابة رسالة تهدئة للجماعة، ودعوة لها للمشاركة فى الحياة المدنية كجزء من التطور الديمقراطى فى إطار طرحه الليبرالى لتأسيس الدولة.
وأوضح زهران: «دعوة البرادعى للنظام القائم بترك الحكم تؤكد رغبته فى تحقيق التغيير السلمي»، مشددا على أن صندوق الانتخابات هو الطريق لتحقيق التغيير السلمى.
رسائل البرادعى وصلت.. لكن متلقيها اختلفوا فى تفسيرها
كرر محمد البرادعى فى حواره، الإشارة إلى حقوق الإسلاميين والإخوان خاصة فى نيل حقهم السياسى والعمل تحت مظلة شرعية والاندماج فى الحياة السياسية لتصبح كغيرها من القوى الحزبية القائمة على الساحة، كما لم يغفل الإشارة إلى ذكر حقوق الأقباط، بل شدد على احترامه من كل الأطراف.
وأيضا تحدث عن تشكيل البرلمان، وأبدى عدم رضاه عن تخصيص كوتة للمرأة دون العمال والفلاحين والأقباط، كما شدد على ضرورة تكامل الإشراف القضائى على الانتخابات مع وجود رقابة دولية.
بالتأكيد رسائل البرادعى وصلت لكن متلقيها اختلفوا فى تفسيرها، فالبعض اعتبرها خالصة لوجه الوطن وإيجابية أو مريحة وآخرون وصفوا حديثه عن الإخوان بأنه مداعبة، والبعض اعتبر حديثه عن تشكيل البرلمان من المسلمين والأقباط وحتى الماركسيين وغيرهم بأنه فتنة طائفية جديدة، وذهب البعض إلى أنه أخطر على مصر من جورج بوش، فهو علمانى متشدد لا يملك مرجعية إسلامية.
وطالب الدكتور عبدالحليم قنديل، المنسق العام لحركة «كفاية»، البرادعى بإثبات جدية دعوته للنظام بترك سدة الحكم فى إطار عملية التغيير السلمى، من خلال توليه حملة ضغط شعبى تطالب الرئيس بالتنحى، على حد تعبيره.
كما شدد قنديل على ضرورة أن يضع البرادعى محددات واضحة لعلاقة مصر بإسرائيل، وتساءل: «هل سيقبل البرادعى بأن تظل سيناء منطقة منزوعة السلاح؟ وهل يقبل كذلك بإقامة سدود وصفها بالفولاذية تتسبب فى خنق قطاع غزة؟».
ووصف منسق كفاية موقف البرادعى من الإخوان بالمريح والإيجابى، خاصة أن إستراتيجية التعامل مع الجماعة وفقا للاعتبارات الأمنية أثبتت فشلها، حسب قوله.
«البرادعى يتحسس خطاه، كما أنه يدرك جيدا أن مشكلات الفقر والبطالة والعشوائيات متضخمة فى مصر»، وطالب البرادعى بضرورة أن يتضمن برنامجه حلولا للقضايا الاجتماعية.
بدوره، قال دكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية وعضو أمانة السياسات فى الحزب الحاكم، إن تفكير البرادعى حول ترشيحه للرئاسة من عدمه لم يتضح حتى الآن.
وأوضح أن الشروط الخمسة التى وضعها البرادعى من أجل ترشيحه للرئاسة من الصعب أن تنفذ.
وأضاف عودة أن البرادعى «عايز يعمل مجلس شعب على مزاجه، ومكون من جميع الأفراد، فى حين أن مجلس الشعب يقوم على تمثيل برلمانى لكتل من الأفراد وليس لكل فرد نائب كما يرجو البرادعى».
واعترض عودة على نظرية البرادعى بأن الإشراف القضائى والدولى معا يحققان نزاهة الانتخابات ودلل على ذلك بما يحدث من طعون فى الأحكام الصادرة من محكمة النقض أيام الانتخابات بالإضافة لما يحدث فى الانتخابات لبنان تحت مظلة الإشراف الدولى وبنسبة 100% غير سليمة.
من جانبه هاجم مختار نوح المحامى الإسلامى المعروف، البرادعى وقال «هو أخطر على مصر من جورج بوش ودعوته لتغيير الدستور لا أقبلها منه لكن أقبلها من غيره».
ورشح نوح كل من عبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب إرشاد الإخوان والنائب الناصرى حمدين صباحى، للترشح للرئاسة وقال» كلاهما أثق فى أنه يستطيع أن يؤدى دور البرادعى وأكثر.
واتهم البرادعى بأن له دور فى الغزو الأمريكى على العراق، وأنه كتب فى آخر تقاريره التى قدمها للوكالة الدولية للطاقة الذرية التى كان مديرها «أن إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم فى مناطق سرية « وأنه شدد لهجة الخطاب على إيران.
ومن جهته قال الدكتور رفيق حبيب، الكاتب والمؤرخ القبطى «إن تصريحات البرادعى تدل على أنه مازال يفكر فى مسألة ترشيحه للرئاسة ولم يبت فى الأمر بعد، وتعليقاته تشير إلى أن الوضع الحالى غير مناسب للترشح».
وأوضح أن تنظيم الانتخابات حاليا فى مصر يسمح بتدخل السلطة فى نتائج الانتخابات، وطالب حبيب بأن يكون التغيير الداخلى أولا تحت إشراف قضائى كامل وهيئة مستقلة للإشراف بالإضافة إلى تعديل كشوف الناخبين واستخدام الرقم القومى، لضمان نزاهة الانتخابات، ثم يتمثل دور الإشراف الدولى فى إعلان النتيجة فقط.
من جهته، قال جورج إسحق، عضو الحملة المصرية ضد التوريث، إن لديه معلومات تؤكد نية البرادعى خوض ما سماه بمعركة المواجهة مع النظام الحاكم لأخر مدى بهدف تحقيق الإصلاح، حسبما قال.
وأشار إسحق إلى أن الاقتراحات التى تقدم بها البرادعى ليس شروط، وأنها مجموعة من المطالبات المطروحة للتفنيد والنقاش من قبل القوى الوطنية التى وصفها بالحية.
وأضاف: «البرادعى لم ينزل بالباراشوت ولكنه شدد على تحقيق عدد من المطالبات التى طالما نادت بها القوى الوطنية، وتؤكد أنه رجل سياسى وقانونى من الطراز الأول».
وأكد إسحق أن البرادعى تقدم بطرح جديد، ورؤية إصلاحية مغايرة للقضايا الوطنية، فامتلك البرادعى عصا موسى التى ابتلعت كل الثعابين، على حد وصفه.
اعتبر جمال أسعد، الكاتب والسياسى القبطى، أن تصريحات البرادعى كلها تؤكد أنه لا يوجد لديه القناعة الحقيقية لنزول الانتخابات الرئاسية خاصة بعد وضعه لشرط ترشيحه كمستقل وهو ما اعتبره أسعد شرطا تعجيزيا صعب المنال.
وأشار إلى أن الرقابة الدولية على الانتخابات لا يمكن أن تحدث شفافية حقيقية لنتيجة الانتخابات، حيث أكد أن الحراك السياسى لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تحرك جماهيرى وشعبى داخلى بما ينتج عنه وجود كوادر حزبية وسياسية بالمجتمع.
وأيد أسعد، البرادعى فى ضرورة تغيير المادة 77 بالدستور معللا أنه لا يجوز أن تكون مدة الرئاسة مطلقة وأيد البرادعى فى هذا وانتقد النظام.
وقال: «نحن منذ هزيمة 67 وحتى الآن بدأنا نتجه للغيبيات ونخلطها بالإيمان، وأصبح المنتشر هو التدين الشكلى المظهرى مما أبرز اختلاف طائفى بين المسلم والمسيحى وهذا ما سبب إعاقة فى ممارسة الديمقراطية الحقيقية التى يمكن من خلالها إيجاد أصوات جديدة نغير بها الدستور وهذا بداية الإصلاح الحقيقى».
واختلف أسعد مع البرادعى فى طرحه بوجود جميع أطراف الشعب من الإسلامية إلى الماركسية باعتباره أنه طرح طائفى وأضاف أنا مع التمثيل السياسى للمصريين من الأحزاب المختلفة لأننا أصبحنا نرفض أديان بعضنا البعض.